فصل: الخبر عن قدوم الأمير محمد ابن الأمير عبد الرحمن وبيعته بالبلد الجديد في كفالة عمر بن عبد الله:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: تاريخ ابن خلدون المسمى بـ «العبر وديوان المبتدأ والخبر في أيام العرب والعجم والبربر ومن عاصرهم من ذوي السلطان الأكبر» (نسخة منقحة)



.الخبر عن قدوم الأمير محمد ابن الأمير عبد الرحمن وبيعته بالبلد الجديد في كفالة عمر بن عبد الله:

لما نبذ بنو مرين عهدهم واعصوصبوا عليه ونكروا ما جاء به من البيعة لأبي عمر مع فقده العقل الذي هو شرط الخلافة شرعا وعادة ونقموا عليه اتهم نفسه في نظره وفرع إلى التماس المرشحين فوقع نظره على حافد السلطان أبي الحسن محمد ابن الأمير أبي عبد الله النازع لأول دولة السلطان أبي سالم من رندة إلى الطاغية وكان قد نزل منه بخير مثوى فبعث إليه مولاه عتيقا الخصي ثم تلاه بعثمان بن الياسمين ثم تلاهما بالرئيس الأبكم من بني الأحمر في كل ذلك يستحث قدومه وخاطب المخلوع ابن الأحمر وهو في جوار الطاغية كما قدمناه قريب عهد بجواره فخاطبه في استحثه واستخلاصه من يد لطاغية وكان المخلوع يرتاد لنفسه منزلا من ثغور المسلمين لما فسد يبنه ولبين الطاغية ورام لنزوع عن إيالته فاشترط على الوزير عمر النزول له عن رندة فتقبل شرطه وبعث إليه بالنزول عنها بعد أن وضع الملأ عليه خوطهم من بنى مرين والخاصة والشرفاء والفقهاء فسار ابن الأحمر إلى الطاغية وسأله تسريح محمد هذا إلى ملكه وأن قبيله دعوة إلى ذلك فسرحه بعد أن شرط عليه وكتب الكتاب بقبوله وفضل من إشبيبلية في شهر المحرم فاتح ثلاث وستين وسبعمائة ونزل بسبتة وبها سعيد بن عثمان من قرابة عمر بن عبد الله أرصده لقدومه فطير بالخبر إليه فخلع أيا عمر من الملك لعام من ييعته وأنزله بداره مع حرمه وبعث إلى السلطان أبي زيان محمد بالبيعة وللآلة ولفساطيط ثم جهز عسكرا للقائه فتلقوه بطنجة وأغذ السر إلى الحضرة فنزل منتصف شهر صفر بكدية العرائس واضطرب معسكره بها وتلقاه لوزير يومئذ وبايعه وأخرج فسطاطه فاضطربه بمعسكره وتلوم السلطان هنالك ثلاثا ثم دخل في الرابع إلى قصر واقتعد أريكته وتودع ملكه وعمر مستبد عليه لا يكل إليه أمرا ولا نهيا واستطال عند ذلك المنازعون أولاد أبي علي كما نذكره إن شاء الله تعالى.

.الخبر عن تجهيز السلطان عبد الحليم واخوته إلى سجلماسة بعد الواقعة علهم بمكناسة:

لما سمع عبد الحليم بقدوم محمد بن أبي عبد الرحمن من سبتة إلى فاس وهو بمكانه من تازى سرح أخاه عبد المؤمن وعبد الرحمن ابن أخيه إلى اعتراضه فانتهوا إلى مكناسة وخاموا عن لقائه فلما دخل إلى البلد الجديد أجلبوا بالغارة على النواحي وكثر العيث وأجمع الوزير عمر على الخروج إليهم بالعساكر فبرز بالتعبية والآلة وبات بوادى النجاء ثم اصبح على تعبيته وأغذ السير إلى مكناسة فزحف إليه عبد المؤمن وابن أخيه عبد الرحمن في جموعهما فجاولهما القتال ساعة ثم صمم إليهم فدفعهم عن مكناسة وانكشفوا فلحقوا بأخيهم السلطان عبد الحليم بتازى ونزل الوزير عمر بساحة مكناسة وأوفد بالفتح على السلطان وكنت وافده إليه يومئذ فعمت البشرى واتصل السرور وتهنأ السلطان بملكه وتودع من يومئذ سلطانه ولما وصل عبد المؤمن إلى أخيه عبد الحليم بتازى مفلولا انتقض معسكره ونزعوا عنه إلى فاس وذهب لوجهه هو وإخوته مع وزيرهم السبيع بن محمد ومن كان معهم من عرب المعقل فلحقوا بسجلماسة وكان أهلها قد دخلوا في بيعتهم ودانوا بطاعتهم فاستعزوا بها وجددوا رسم الملك والسلطان إلى أن كان من خروجهم ما نذكره إن شاء الله تعالى.

.الخبر عن قدوم عامر بن محمد ومسعود بن ماسي من مراكش وما كان من وزارة ابن ماسي واستبداد عامر بمراكش:

كان السلطان أبو سالم لما استقل بملك المغرب استعمل على جباية المصامدة وولاية مراكش محمد بن أبي العلاء بن أبي طلحة من أبناء العمال وكان مطلعا بها وناقش الكبير من ذوي عامر فأحفظه ذلك وربما تكررت سعايته في عامر عند السلطان ولم يقبل ولما بلغ إلى عامر مهلك السلطان أبي سالم وقيام عمر بالأمر وكانت بينهما خلة بيت محمد ابن أبي العلاء فتقبض عليه وامتحنه وقتله واستقل بأمر مراكش وبعث إليه الوزير عمر بأبي الفضل بن السلطان أبي سالم يعتده لما يقع من حصار بنى مرين إياه أن يجلب به عامر عليهم ويستنقضه كما ذكرناه ثم سرح مسعود بن ماسي كما ذكرناه ولما أحاط بنو مرين بالبلد الجديد جمع عامر من إليه من الجند والحشود وزحف بأبي الفضل بن السلطان أبي سالم إلى انفي ونزل بوادي أم ربيع ولما انفضن جمعهم من على البلد الجديد لحق به يحيى بن رحو وكان له صديقا ملاطفا فتنكر له توفية لعمر بن عبد الله وصاحبه مسعود وبعثه إلى الجبل ولم يشهد الجمع فذهب مغاضبا ولحق بسجلماسة بالسلطان عبد الحليم وهلك في بعض حروبه مع العرب ولما انفض عبد المؤمن وأجفل عبد الحليم من تازي ولحقوا بسجلماسة واستوسق الأمر لعمر بن عبد الله وفرغ من شأن المنازعين ومضايقتهم له رجع إلى ما كان يؤمله من الاستظهار على أمره بمسعود بن ماسي وأخوته وأقاربه لمكان الصهر الذي بينهما فاستقدمه للوزارة مرضاة لبنى مرين لما كانوا عليه من استمالتهم لجميع المذاهب والاغضاء عما نالوه به من النكاية وكان عامر بن محمد مجمعا القدوم على السلطان فقدم في صحابته ونزلا من الدولة بخير منزل وعقد السلطان لمسعود بن رحو على وزارته بإشارة الوزير عمر فاضطلع بها ودفعه عمر إليها استمالة إليه وثقة بمكانه واستظهارا بعصابته وعقد مع عامر بن محمد الحلف كل مقاسمة المغرب من لحم وأدم رفيع وجعل إمارة مراكش لأبي الفضل ابن السلطان أبي سالم إسعافا بغرض عامر بن محمد في ذلك وأصهر عامر إليهم في بنت مولانا السلطان أبي يحيى المتوفي عنها السلطان أبو عنان فحملوا أولياءها على العقد عليها وانكفأ راجعا إلى مكان عمله بمراكش يجر الدنيا وراءه عزا وثروة وتابعا لجمادى من سنة ثلاث وستين وسبعمائة وصرف عمر عزيمته إلى تشريد عبد الحليم وأخيه من سجلماسة كما نذكره إن شاء الله تعالى.